الاثنين، 23 يونيو 2008

هل نجح حصان طروادة ؟

هل نجح حصان طروادة ؟
محمد حسن العمدة
Thursday, January 17, 2008 10:28:11 PM

عودة إلى الضجة والدخان الكثيف الذي لم ينقشع حتى الآن بسبب تعيين بشرى الصادق المهدي ملازما أول بجهاز الأمن .. وفي البداية نتسائل عن سر إطلاق هذه ( الفرقعة ) الإعلامية المدوية من داخل جهاز الأمن الوطني والمخابرات نفسه في أول سابقة في تاريخ العمل الأمني والاستخباراتي في العالم اجمع فلأول مرة يتم الإعلان عن أسماء الضباط وأفراد الأمن هكذا في الصحف اليومية من دون مراعاة لخصوصية وسرية طبيعة العمل الأمني والاستخباراتي !! فهل هو جهل من القائمين بالأمر يستحقون عليه المسائلة والمحاسبة وفق لوائح جهاز الأمن ؟ أم أنهم لا يجهلون إلا عند تعيين ( ود المهدي ) ؟؟!! أم أن للأمر دوافع وأجندة سياسية أخرى أكثر أهمية من حياة وامن فرد الأمن نفسه ومهامه المستقبلية ؟؟
وللإجابة على هذا السؤال الهام جدا علينا الرجوع إلى الكيفية التي بدا بها إعلان الخبر فلأول مرة في تاريخ الإعلام والإعلان يتم التمهيد لإطلاق خبر تعيين ( ضابط امن ) عبر المنابر السايبرية ومنتديات تجمعات السودانيين في الشتات وحصريا على صحف مثل الانتباهة التي تعتبر من أكثر الصحف تطرفا تجاه معارضي المشروع الاسلاموي في البلاد ! فقبل ان يسكب مداد صحف يوم الثاني عشر من يناير فوجئنا بتداول الخبر عبر منتديات الانترنت لنطالع الخبر كاملا في صحيفة الانتباهة ثم تنتشر كإنتشار النار في الهشيم لتغطي كامل صفحات الصحف داخليا وخارجيا وباتت حديث المنتديات السمعية والبصرية وبذا اكتملت التغطية الإعلامية داخل وخارج البلاد واحسب انه لو كان الخبر نجاح السودان في صناعة قنبلة نووية لما وجد كل هذه التغطية الإعلامية ولما تم تداولها بهذه الصورة ( الداوية ) ..
إذا هل كل هذا ( الجهد ) فقط من اجل انه قد تم تعيين ضابطا برتبة ملازم أول في جهاز الأمن الوطني والمخابرات ؟؟!!
المتابع للشأن السياسي السوداني و ( الأزمة ) السودانية المستعصية بفعل فاعل يجد إن حزب الأمة وطوال فترة معارضته للنظام الحاكم يسير بخطى ثابتة وأكثر مأسسة من اقرأنه من الأحزاب السياسية المعارضة والحاكمة فبنظرة سريعة على الدور الذي قام به حزب الأمة في تكوين العمل المعارض يكتشف المراقب أن حزب الأمة هو من وضع اللبنات الأساسية لمواثيق التجمع الوطني الديمقراطي وهو من سعى ونجح في انضمام الحركة الشعبية للتجمع الوطني الديمقراطي عبر سلسلة من الاجتماعات توجت بتوقيع اتفاقية أديس ابابا الأولي في 29 يناير 1990م بين حزب الأمة والحركة الشعبية والتي وقعها السيد مبارك الفاضل المهدي عن حزب الأمة والسيد لوال دينق وول عن الحركة الشعبية القيادة العسكرية والسياسية العليا ومن أهم بنود هذه الاتفاقية :
تامين الحركة الشعبية على مواثيق ولوائح التجمع الوطني الديمقراطي مع الاحتفاظ بحقها في إجراء التعديلات التي تراها مناسبة
التامين على انضمام الحركة الشعبية للتجمع الوطني الديمقراطي
التامين على إزالة وإسقاط نظام الجبهة الإسلامية
التامين على قيام نظام ديمقراطي تعددي في السودان
التامين على نظام اقتصادي وطني جديد
التامين على قيام جيش قومي وطني عمل على حماية الديمقراطية واستقلال البلاد
طلبت الحركة الشعبية من حزب الأمة العمل على منع قتال جيوش القبائل العربية المتاخمة للحدود الجنوبية الى جانب قوات حكومة الخرطوم
التامين على خلق علاقات حسن جوار والعمل على علاقات دولية جيدة مستندة على عدم الانحياز او التبعية
الاتفاق على تطوير العلاقات بين التنظيمين حزب الأمة والحركة الشعبية والعمل على تطبيق البرامج بينهما
ثم عقب ذلك حراكا مكثفا من قبل حزب الأمة بين القوى السياسية أدى الى انعقاد مؤتمر نيروبي في 1993 ونتج عنه إعلان نيروبي ووقع عليه كل من :
الحركة الشعبية
حزب الأمة
الحزب الاتحادي الديمقراطي
الأحزاب الأفريقية
القيادة الشرعية
وشخصيات وطنية
واصل حزب الأمة القومي سعيه من اجل وضع حلول مستقبلية قوية مع الحركة الشعبية وتوصل إلى اتفاق آخر في شقدوم تم التوقيع عليه من طرف حزب الأمة الدكتور الراحل عمر نور الدائم وعن الحركة الشعبية القائد سلفاكير .. وتوج بعقد مؤتمر اسمرا 1994 وخاض بعدها حزب الأمة سلسلة اجتماعات أدت إلى توقيع اتفاقيات مع الأحزاب الأخرى مثل اتفاقه مع مؤتمر البجة في 2/1/1995 م حيث شارك من حزب الأمة :
الدكتور عمر نور الدائم أمين عام حزب الأمة
السيد مبارك المهدى مسئول العمل الخارجي
السيد مهدى داؤد الخليفة مدير مكتب حزب الأمة الشرق الأوسط
وشارك من جانب مؤتمر البجا كل من:
1. الأستاذ محمد طاهر أبو بكر
2. السيد حسين ولى محمد
3. السيد سليمان محمود احمد اونور
وتم توقيع اتفاق آخر بين حزب الأمة والحزب الشيوعي جاء في مقدمتة الآتي :
مشروع اتفاق
نحن ممثلو حزب الأمة والحزب الشيوعى السوداني نعلن بأننا:
· بعد أن عقدنا سلسلة من الاجتماعات والمشاورات التي ركزت على مناقشة الوضع السياسي للقضية السودانية وانعكاساتها المتمثلة في تفاقم المعاناة والقهر لشعب السودان تحت وطأة حكم نظام الجبهة القومية واستمرار نزيف الدم من جراء تصعيد النظام للحرب الأهلية وإفرازات سياسات النظام التي باتت تهدد وحدة بلادنا وسلامة أراضيها كما تهدد امن واستقرار دول شعوب المنطقة والدول الشقيقة والصديقة.
إلى جانب اتفاق آخر بين حزب الأمة والقيادة الشرعية وقع من طرف حزب الأمة سعادة السفير علي حمد إبراهيم والأستاذ صلاح جلال ووقع عن القيادة الشرعية للقوات المسلحة لواء الهادي بشرى وعقيد الرشيد عبد الله .
هذه سلسلة حراك قوي مدفوع بمرتكزات فكرية وعمق سياسي واع قاد في محصلته النهائية إلى جمع كل القوى المعارضة في صف واحد وفق اتفاقية اسمرا ووضع مواثيق اسمرا المعروفة والتي دفعت بالعمل المعارض إلى قمته في 1996 م .. يلاحظ هنا أن حزب الأمة يعتبر هو المحرك الأول لجمع الصف الوطني واثبت أن لديه قدرات عالية وكفاءة منقطعة المثيل في كيفية إدارة العمل المعارض وهذا ما يخشاه الآن النظام الحاكم من إعادة تجميع حزب الأمة للعمل المعارض وفق للرؤى التي يطرحها باستمرار منذ تقديمه لمشروع الحل السياسي الشامل في ورشة الحل السياسي الشامل في سبتمبر 1999م اذا شهدت فترة التسعينات نشاطا قويا لحزب الأمة القومي لتبدأ مرحلة أخرى أكثر قوة بعد عودة قياداته إلى الداخل وتكوين أجهزة ومؤسسات الحزب ووضع الرؤى الواضحة لكل مشاكل السودان وقدمت الى كافة القوى الدولية والمحلية وتم استصحاب جزء كبير من رؤى حزب الأمة في اتفاقيات النظام مع القوى السياسية الصغيرة والكبيرة وحملت اتفاقيات ميشاكوس ونيفاشا الغالبية العظمى من هذه الرؤى !! ولرب قائل يقول ولماذا إذا لم يوافق حزب الأمة على نيفاشا بكامل بنودها وهذا ما سنعود إليه بصورة أكثر تفصيلا لاحقاً .. ولكن من أقوى هذه الأسباب أن حزب الأمة يدعوا الى اتفاقيات قومية تساهم فيها كل القوى السياسية بما يضمن حلول مستقبلية وشاملة غير مجزرة كما يحدث الآن وقديما قيل إن ( ركاب سرجين وقيع ) أي كثير السقوط على الأرض وهذا ما ينتج عن كثرة الاتفاقيات وتعدد أطرافها وبعد المساحات بينهما مما يحدث زحمة لا رحمة فيها ..
أقول ان موقف حزب الأمة بات أكثر قوة كما وجدت مبادراته الدعم والتأييد من قطاع كبير من أبناء الشعب السوداني وليس بأخر هذه المبادرات وثيقة التعاهد الوطني التي قدمت للقوى السياسية والمدنية .. وسنأتي لاحقا في مقالات أخرى تفصيل هذه المبادرات والتي تحمل كافة الحلول للقضايا الساخنة والمستقبلية للبلاد بإذن الله ..
كانت مؤشرات قوة الحزب الفكرية والشعبية والمتزائدة يوما بعد يوم تعبر عن نفسها في كل زيارات الحزب الى الولايات والأطراف حيث قوبل باستقبالات حاشدة وصفها الإمام الصادق المهدي بمقولة ( عجال لاقن ) أي عندما تتلاقى صغار العجول مع أمهاتها عند الغروب فتستقبلها بأشواق وحنان لا مراء فيه ولا خداع هكذا بكل عفوية من غير تعطيل مدارس ولا إغلاق دور الخدمة المدنية وتعطيل التنمية وزيادة المصروفات التي تغذى من المواطن فتضيف إليه عبا إضافيا لا يقوى على تحمله .. و بكل حب وصدق يتم اللقاء بين قيادات الحزب وقواعده ومريديه ومؤيديه من غير أعضاء حزب الأمة القومي ...
كل ذلك لم يعجب النظام ولم تفلح جزرة التلويح بالمناصب والقسمة ( السمينة ) فقد قدم النظام لحزب الأمة على مر السنين عروضا مختلفة إغراءاتها وظل الرفض مستمرا مما اكسب الحزب قاعدة عريضة محليا وقبولا دوليا ظهر في المراتب العلا التي تقلدها رئيس الحزب في المحافل الدولية وليس بآخرها اختياره من بين أعظم مائة شخصية في القرن ورئيسا لمنتدى الوسطية العالمية ... كما لم تفلح العصا التي ترفع من حين إلى آخر بالإعتقالات المتكررة لقيادات وعضوية الحزب ...كل ذلك أزعج النظام وحلفائه فكان لا بد من كبح جماح هذا المارد القادم خاصة أن الانتخابات على الأبواب ( وإذا ) ما شارك فيها حزب الأمة وفقا لمراقبة صارمة دولية ومحلية فان النظام يثق تمام الثقة ويعلم علم اليقين انه لا مجال له في هذه المرة بالفوز ككل مرة جلس فيها في الامتحان وحيدا وكان الأول والآخر !! بهذه الانتخابات خاصة بعد ان اثبت حزب الأمة انه الحزب الأكثر صبرا على تحمل مواقفه القوية وما يلحقه جرائها من أذى .... وعندما لم تفلح كل مخططات النظام وحلفائه من شق للحزب وإغراء للبعض ممن غرتهم المناصب على شاكلة ( كشكش وكنكش ) كان لا بد من إحداث اختراق آخر أكثر دويا فكانت ضربة ( المعلم ) بتعيين ابن رئيس حزب الأمة القومي ملازما بالأمن وللأسف لم يفطن ابن المهدي لما يراد لأبيه وحزبه .. ومن فعلوا ذلك قطعا يعلمون مدى النجاح في البلبلة والضجة التي يمكن ان تحدث وما سيصاحبها من إشاعات أعدت مسبقا وقد كان لهم ما كان من ضجة وتشويش ولكن هل تجدي نفعاً مثل هذه الفرقعات الموقوتة ؟؟ وحسنا فعل حزب الأمة في إصدار بيان لتأكيد عدم مشاركته للنظام وعدم وجود نية لذلك .. وكما أظن ليس من اجل تأكيد عدم المشاركة لعضويته بل من اجل إبلاغ الجميع أن حزب الأمة لن تلوى يديه بمثل هذه التصرفات الغير مسئولة والتي لن تخدم ما يرفع من شعارات حول الوحدة الوطنية بل إن أفضل ما يقدم الآن هو الشروع بنية خالصة من اجل عقد المؤتمر القومي الجامع لإيجاد مخرج حقيقي لازمات السودان المتولدة يوما بعد يوم .

ليست هناك تعليقات: